إذا لم تجد موضوعك بامكانك كتابته في تعليق وسيكون متاحا في الموقع في أقل من 12 ساعة مع إرسال نسخة لك على بريدك الالكتروني أو أرسلــه لنـا

مركزية الحوار في حياة المسلم



لا يقتصر أمر التسامح المنطلق من الحوار في الإسلام على الجانب الإيماني والعقيدة، وإنما يطاول الحيّز الحضاري والإنساني بأوجهه المتعددة. وثمة من المفكرين المسلمين المعاصرين من ذهب في سياق الكلام على جدل الإسلام والآخر لترجيح مبدأ الحوار كأساس في هذا الجدل. فالحوار مفهوم بناه القرآن أولاً في الحضارة الإسلامية وغرسه في تصور المسلمين وفي رؤيتهم الكلية وجعله جزءاً من بنائهم العقلي والنفسي. بحيث لم يعد ممكناً تصور الاستغناء عنه في أي جانب من جوانب الفكر والتصور والسلوك. وعلى هذا يؤسس القائلون بهذه الحقائق المركزية مفهومهم للحوار.

آيات من القرآن الكريم: 
لا إكراه في الدين }، {وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألاَّ نعبد إلاَّ الله، ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون }.‏


الرسول قدوتنا في الحوار

وفي التجربة النبوية بدت مواقف الرسول على الله عليه وسلم من النصارى على نسق ثابت من التسامح فيما نهى عن أن يُفتن أهل الكتاب في دينهم. وتدل تحقيقات العصور الإسلامية اللاحقة على التزام المبادئ التي وضعها القرآن ورسَّختها حقبة الرسول (ص) والخلفاء الراشدين، وأخصّها أنه لا يُكره أهل الكتاب على اعتناق عقائده وعهده لهم بالمحافظة على أمنهم وحياتهم وأموالهم ودمائهم، وأنه يمتعهم بخير الوطن الإسلامي بلا تمييز بينهم وبين أهل الإسلام، وإنه يدعهم يتحاكمون إلى شريعتهم في غير ما يتعلَّق بالنظام العام كما أن الإسلام يتسامح هذا التسامح مع مخالفيه جهاراً ونهاراً في العقيدة، وهو تسامح لم ينعم به إلاّ الذين عاشوا في المجتمع الإسلامي أو تربطهم به روابط الذمة والعهد من أهل الكتاب.‏

فيما يخص الحوار في المنظومة الثقافية إن صح التعبير للإسلام، يعتبر أحد الأصول المنهجية التواصلية و المبادئ المنطقية الأساسية، كون دين الإسلام دين الحجة و البرهان و هذه إحدى مصاديق أو مسهلات بلوغ مستوى الحقيقة التي فيما يقال عنها أنها بنت الحوار، من هنا يعتبر الحوار مأخذا حضاريا تكتمل وتتجلى بوضوح وعمق محدداته في الإسلام وبالضبط في آيات القرآن العظيم و سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله و سلم وسير صحابة رسول الله وأئمة الهدى كلماتهم الحضارية الخالدة.
 وعليه يكون الحوار نبراسا ثقافيا في السيرة الإسلامية ويمكن القول دون إجحاف أن الإسلام استطاع أن تكون له ريادة الأدب الحواري عبر زمنه كله و من خلال عظمائه عليهم الصلاة و السلام.

الحوار هو من البديهيات و بمثابة الأداة الأكثر نجاعة في الإنسجام الإجتماعي والثقافي والسياسي في تصوري ناهيك عن أنه لقاء بين الفقه(بمعناه العام) و الأخلاق الإجتماعية ، و الحمد لله نشهد ونستوحي إلتفاتة وإرهاصات ثقافية من قبل المهتمين بالمشروع الحضاري للإسلام بالحوار كأحد الأسس القاعدية لأية استحقاقات... 
وبالرغم من هذا كله تبقى فلسفة الحوار بحاجة لنقاشات علمية ورؤى ابتكارية حتى تغني الحراك الحضاري الإسلامي و تبعث الوعي المركز حوله في هذا الحراك الإصلاحي والتجديدي الذي تعج به الساحة الثقافية.

أساليب تنمية الحوار في حياة الشباب

أصبح الحوار في عصر المتغيرات المتسارعة مهارة حياتية لا غنى للجميع عنها من آباء وأمهات وأبناء وبنات، بل أصبحت مؤسسات المجتمع بحاجة ماسة إلى هذه المهارة المهمة والمهارة الذكية، التي تختصر المسافات لنقل المعارف والآراء والأطروحات والقيم والأفكار والاتجاهات.

والمتأمل لحياتنا اليومية يجد أن الحوار هو مرتكز أساس لحياتنا وخاصة بعد دخول الاتصالات المادية التي هي جزء من نشر الحوار اليومي من خلال أجهزة الاتصالات الهاتفية والقنوات الفضائية.

وتظهر أهمية الحوار بأنه حاجة إنسانية مهمة يتواصل فيها الإنسان مع غيره لنقل آرائه وأفكاره وتجاربه وقيمه، كما ان الشعوب أصبحت في حاجة ماسة لنقل حضارتها من خلال الحوار، كما ان الحوار يساعد الإنسان إلى تقوية الجانب الاجتماعي في شخصيته من خلال حواره مع الآخرين وتواصله معهم، كما ان العصر الذي نعيش فيه أصبح لزاماً على الإنسان أن يدرك مهارة الحوار من خلال ظهور القنوات الفضائية فأصبح في عالم متسارع من الاكتشافات العلمية والانفجارات المعرفية في جميع مجالات الحياة.

لذا فمن الضروري إيجاد أساليب لتنمية الحوار في حياة الشباب وجعلهم قادرين على مسايرة تقلبات هذا العصر وذلك بتنمية مقدرتهم على الحوار والتواصل مع الآخر، وتنظيم ندوات اجتماعية لحل مشاكل الشباب ومعالجتها سواء منها المرتبطة بالحوار أو غيرها، وإلغاء الحواجز الاجتماعية بتنظيم حملات للتحسيس وتوعية الشباب بضرورة و أهمية الحوار في عصر المتغيرات، وإيجاد سبل لتعزيز الحوار بين الشباب.