إذا لم تجد موضوعك بامكانك كتابته في تعليق وسيكون متاحا في الموقع في أقل من 12 ساعة مع إرسال نسخة لك على بريدك الالكتروني أو أرسلــه لنـا

الفلسفة الغربية الحديثة:



تقديم : غالبا ما يربط مؤرخو الفلسفة بداية الفلسفة الحديثة بديكارت لقرن17 – القرن19 م. . و هكذا يلقبونه أب الفلسفة الحديثة. فما هي الخصائص العامة التي تميز هذه الفلسفة؟ 
تعتبر الفلسفة الحديثة فترة تأسيس لعهد جديد و إحداث قطيعة مع الماضي، من خلال ظهور جهاز مفاهيمي جديد، و كذا تحول على المستوى الإشكالي. و هكذا فقد تم إعطاء الأسبقية في الفلسفة الحديثة لمبحث المعرفة على مبحث الوجود، الذي كانت له الأولوية في العصور السابقة.
و الإشكال الرئيسي في الفلسفة الحديثة هو إشكال معرفي، يتمثل في التساؤل عن إمكانية وحدود المعرفة البشرية، وعن الكيفية التي تكون بها هذه المعرفة ممكنة.
وقد تميزت الفلسفة الحديثة بسيادة نزعة الأنسنة  التي أعادت الاعتبار للعقل البشري، و آمنت بقدرته على فهم العالم و السيطرة على الطبيعة.
و هكذا أصبح الاعتقاد بأن العالم لم يعد غريبا، و بأن الطبيعة بإمكانها البوح بكل أسرارها، فقط يجب أن تتوفر الوسائل اللازمة لذلك.
ارتبطت الفلسفة الغربية الحديثة بمجموعة من الأحداث أهمها تطور العلوم، بمعنى ظهور المنهج التجريبي في كافة العلوم واستقلال هذه العلوم بطريقة خاصة تفرضها طبيعة الظاهرة المدروسة.كما أن أوروبا في هذه المرحلة عرفت مايسمى بالنهضة، أي النهضة على كافة المستويات (فكرية، ثقافية، سياسية، اجتماعية..)


خصائص الفكر الفلسفي الحديث:

كان للفلسفة الحديثة خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا أن نلمح سريعاً لشيء من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد أشير إلى أنه من الصعب تحديد فكرٍ معينٍ تحديداً دقيقاً، يقول الدكتور بيصار في ذلك: (كانت محاولات المؤرخين للفكر الإنساني شاقة ومضنية، بل وبالغة غاية التعقيد.
فكلما حاولوا أن يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من أطواره، أمعنوا في الغموض، وأوقعوا في الحيرة.
و بدت طلائع الفلسفة الحديثة التي كانت في أول عهدها اميل الي الإتجاه نحو الطبيعة،و أنصرف الفكر الحديث بدافع الروح اليونانية الي الطبيعة و علومها ينظر فيها نظراً غير متحيزاً و قويت الرغبة في تعرف العالم الجديد،هذا و لم تكن الفلسفة الحديثة طبيعية فحسب بل كانت فردية كذلك ،فقد كان من خواصها الفرد و تحريره من رق رجال الكنيسة،وكان من أغراض الحركة الحديثة تقرير حق الفرد في الحكم علي الأشياء،فلكل فرد أن يبحث و ينتقد غير مقيد في ذلك بأية سلطة خارجية،ومعني هذا كله أن النهضة الفكرية قررت أن يكون لعقل الفرد القول الفاصل و علي هذا الأساس قامت الفلسفة الحديثة و كان أول من حمل لوائها بيكون و ديكارت،و أتفق هذان الفيلسوفان في الغرض و لكنهما أختلفا في الوسيلة المؤدية اليه،فبينما يذهب بيكون الي أن المصدر الوحيد للحقائق هو ملاحظة العالم الخارجي و تجربة الظواهر إذا بديكارت يعترف بأن يكون العقل معيناً تتدفق منه المعرفة الي جانب العالم الخارجي الذي ينتقل الينا علمه بالحواس ،وكان بذلك بيكون مؤسس الفلسفة التجريبية كما كان ديكارت واضع الأساس لفلسفة عقلية حديثة0 زكي نجيب محمود ( 1959 :49 )
1- 
النزعة العلمية Scientific:
و نذكر هنا الخصائص التي تميز بها الفكر الفلسفي الحديث لاسيما بعد أن انفصل تدريجياً عن سلطة الدين فلم تعد الفلسفة مقيدة بقيود الكنيسة أو خادمة لها بل عبرت عن الواقع العلمي التجريبي في سائر المجالات إذ تجرأ الفلاسفة علي الواقع الطبيعي فبينما أن تفكير العالم يتميز بالموضوعية الخاصة بالبحث العلمي يحاول سبر أغوار الواقع بتحري جزئياته و تفصيلاته المختلفة ،ولا يستطيع أن يتدرج من هذه الجزئيات الي تعميمات شكلية،نجد أن الفيلسوف يقوم بجمع النتائج الدقيقة للأبحاث العلمية و يكون منها نظريات و تصورات و قيم عن العالم في المجالات الفنية و الخلقية و الدينية بحيث لا تتعارض هذه النظريات مع نتائج البحث العلمي أو تخل بمبادئه ،فالفلسفة في العصر الحديث أقتربت بجرأة من الواقع و هبطت من سماء المثل الي عالم المادة و الإنسان فتلمست مشاكله و سعت لخدمته و كونت نظريات العامة بالإتفاق مع ما توصل اليه العلم فجاز لنا أ نميزها بالطابع العلمي0
2- 
الطابع الفردي Individual:
الفكر الفلسفي الحديث تميز بالنزعة الفردية فالفيلسوف يحاول جاهداً التوصل الي آرائه و نظرياته بذاته ليتقصي الوقائع و يضع الفروض و يجري التجارب حتي يصل الي النتائج في غير خضوع لهدف محدد أو خطة مرسومة للحكومة أو السلطة الكنيسية ،فالفيلسوف الحديث يعمل في حرية شخصية في فردية و أصالة تتميز بهما الفلسفة الحديثة التي أكدت ذاتية الفرد و سلطت الأضواء علي شخصيته وأهمية وجوده و فكره0
سمة الدولية International :
تميزت الفلسفة الحديثة بسمة الدولية علي عكس الفلسفات القديمة التي كانت تعبر عن فكر شعوبها و قومياتها،بينما الفكر الفلسفي الحديث قد جمع بين كل هذه الفلسفات و نسقها و قدمها للإنسانية تراثاً عاماً تعرفه و تستفيد منه سائر الشعوب ،فالفسفة الحديثة قد قدمت للإنسانية تراثاً محدداً منظماً جمع بين القديم و الحديث تتداوله جامعات العالم و تحفظه مكتباتها بإعتباره ملكاً للإنسانية و ليس ملكاً لدوله أو قومية،ولا يعني تدويل الفكر الفلسفي علي مستوي العالم غض النظر عن الفكر الكلاسيكي و عن محاولة تجديده فالكثير من الدراسات الفلسفية تقدم أبحاث موضوعية عن الفلسفة القديمة في ضوء التيارات الفلسفية الحديثة0راوية عباس (1987 :17-22)

مميزات الفلسفة الغربية الحديثة:

تميزت الفلسفة الحديثة بما يلي:
1- 
حرية الفكر:
بحيث لا يؤمن المفكر بأي رأي، إلا بعد إمعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفة عن الدين، فوجدت فلسفة الحادية، وأخرى تتحدث عن المسيحية لكن على أنها مجرد عاطفة دينية فقط، وثالثة تشيد بالعلم الآلي.
2-
اصطناع منهج جديد:
بحيث يوصل إلى المعرفة الصحيحة.
3-
اتجاه الفلسفة إلى احتواء جميع العلوم:
هذا مع ملاحظة أن هذه الصفة الثالثة، قد تغيرت منذ بدأت العلوم تتقلص عن شجرة الفلسفة.
4- 
العناية بالإنسان:
في كل ما يملأ وجوده الواقعي في عالمي الأشياء والأغيار (الأشخاص الآخرين).
وتتمثل هذه الفلسفة في بيكون وديكارت، إلا أن بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل إلى معرفة العلوم الطبيعية، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفة العامة

إتجاهات الفلسفة الحديثة:

أولاً الإتجاه المثالى:
أصبح الإنسان فى العصر الحديث بذاتيته وفرديته محور البحث الفلسفى، وأوضح الفلاسفة المحدثون أن العقل هو القوة المشتركة بين الناس جميعاً، ومن أجل ذلك كانوا ينظرون إلى الإنسان نظرة عامة وكلية وشاملة0وتلك هى المثالية الحديثة التى كانت تختلف عن مثالية أفلاطون التى كانت تقول بوجود عالم للمثل ثم ظهرت الفلسفة الجدلية مع هيجل كمحاولة للتوفيق بين كلية الوجود والواقع أو المطلق من ناحية، وكلية الإنسان من ناحية أخرى.
كما أنه وضع التناقص فى قلب الوجود ومثل هيرقليطس الذى جعل العقل قانون الوجود، جعل هيجل الروح أو المطلق ماهية الوجود أى صورته وحقيقته.
إن التوسع الجدلى معناه الإختفاء والظهور، العدم والوجود، الموت والحياة، تماماً كما تختفى البراعم عندما تتفتح الأزهار،ولكن الفكر الغربى الحديث قد أغرق فى المثالية حتى وإن كان يرى فيها صورة الحقيقة، فالحقيقة فى نظره صورة لا مادة، عقل بلا إحساس أو خيال، هذا لأن الفكر قد تجمد فى الصورة والتصورات العقلية وتجاوز ذاته الفردية إلى الذات الكلية، وكان لا بد وأن يشعر الإنسان الذى يتجاوز العالم بالغربة فى هذا العالم هكذا تمثلت العقلانية الغربية عند أقطابها، من أمثال ديكارت وكانط وهيجل، فكانت الذات بمعناها الكلى والعام بل والمطلق أيضاً هى مصدر كل علم ومعرفة.
ثانياً الإتجاه التجريبى:
فى ذلك الوقت كان الفلاسفة الإنجليز فى الجزر البريطانية "حسيين وتجريبيين وتحليليين فى مجال المعرفة" وكانوا يعملون للواقع ألف حساب.
لقد خضع الفكر الإنجليزى للواقع وسلم له العقل تسليماً وكانت مهمة هؤلاء المفكريين هى رفض كل ما يتصف بالضرورة والثبات وأصبحت الفلسفة لديهم مجرد تحليل للأفكار وتفتيت للواقع.
لا شئ سوى الإحساس والخبرة الحسية أما العقل فوظيفته تنقية هذه الخبرة وتصفية التجربة الإنسانية لمعرفة مغزاها ومعناها، وكل ما يبعد عن الخبرة الحسية يكون هناك عند شواطئ البحار البعيدة المجهولة.
مما سبق نستطيع أن نوجز فى عجالة سريعة أهم السمات التى تتميز بها الفلسفة الحديثة، فالفكر الحديث فى تصورنا يتمثل فى السعى وراء هدفين أساسيين:-
1- 
النهوض بالعلم وإعتباره الوسيلة الفعالة لمعرفة حقيقة العالم والأشياء
2- 
وضع أصول فلسفة جديدة تحل محل فلسفة العصور الوسطى التى كانت فى خدمة الدين 
وإنطلاقاً من هذا تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة بفضل تقدم العلم الحديث، وبدلاً من خضوع الإنسان للطبيعة وجوداً وفكراً - كما ظن القدماء - مثل أرسطو، أصبح الإنسان الحديث يسعى إلى أن يكون بالعلم سيداً أو مالكاً للطبيعة ،ولهذا فالفلسفة الحديثة يجب أن تختلف عن الفلسفة القديمة من ناحية، وفلسفة العصر الوسيط من ناحية أخرى و في هذا الجو الفكري ولد أبو الفلسفة الحديثة أو الرائد الأول لهذه الفلسفة رينيه ديكارت

الفكر النقدي أو الفلسفة النقدية

وهذه الفلسفة أسسها ( كانت ) ، وهي معروفة قديما ولكنها في هذا العصر أي عصر التنوير اتخذت منهجا . وللنقد معانٍ عدة :
-
النقد بمقياس المطابقة وهو النقد السائد ومعناه : نقد المعلومة الجديدة بما يقابلها في ذهنك . ولذا كان النقد الصحيح هو النقد المبني على الحقيقة وليس المبني على القديم . ولذا تجد كل تيار فكري يظهر ينقد الآخر من خلال فكره هو ، فكانت جميعها من هذا النوع . ومشكلته الأساسية ما هي المعلومة التي تقيس من خلالها . ولله الحمد ففي ديننا عندنا المعيار الذي نقيس به الأمور. واختلفت التيارات العقلية في المسألة النقدية على طوائف :
1-
العقليون جعلوا معيار النقد هو : العقل.
2-
التجريبيون جعلوا معيار النقد هو : الحس .
-
وأما الفلسفة النقدية فهي بحث في ( قدرات العقل ) وأعرف إلى أي حد يستطيع العقل معرفة الحقائق الموجودة حول الكون والإنسان والطبيعة. واشتغل بهذه القضية سنين طويلة وأخرج ثلاث كتب شهيرة هي ( نقد العقل العملي ) و ( نقد العقل المحض ) و ( نقد ملكة الحكم )