إذا لم تجد موضوعك بامكانك كتابته في تعليق وسيكون متاحا في الموقع في أقل من 12 ساعة مع إرسال نسخة لك على بريدك الالكتروني أو أرسلــه لنـا

   علاقة اليهود باليمن


      يمكن اعتبار علاقة اليهود الاقتصادية والسياسية بجنوب الجزيرة اعتمادا على ما ورد في التوراة وقبل ذلك قدمت للقارئ فكرة عن حضارة اليمن اعتمادا على مؤرخين يدرسون هذا المجال كبستون الذي جعل من تاريخ نشوء التمدن في اليمن موازيا مع انهيار حضارات شمال الجزيرة وتشتت اليهود الذين اتخذوا من سبأ وإلهها المقه قدوة لهم ولهذا أرادوا تأسيس دولة في شمال الجزيرة تشبه سبأ خصوصا عندما سيطروا على تجارة مدن الهلال الخصيب في شخصها سليمان اليهودي ولذلك نجد أن اليهود كان هدفهم الأول والأخير هو الاستيلاء على ثروات الجزيرة العربية التجارية وجعلوا من الدين المدخل الذي سيمكنهم من تحقيق مبتغاهم. وفي عهد سليمان كانت اليهود مزدهرة غير أن تجارة جنوب الجزيرة كانت تسيطر عليها سبأ وفي هذا الصدد تذكر التوراة أن ملكة سبأ قدمت للملك سليمان الذهب وما إلى ذلك وهذا إذا دل فإنما يدل على أن التمدن اليمني سبق استقرار اليهود في دولة سليمان كما يدل على أن غنى سبأ وصل صداه إلى مسامع العالم القديم، وتحكي الأساطير أن الملك سليمان أراد الزواج من ملكة سبأ لتحقيق أطماعه الاقتصادية والسياسية بأية وسيلة كانت سواء عن طريق التجارة أو عن طريق عمليات الربا التي عرف بها اليهود وكذلك أنبياؤهم أضف إلى ذلك أنهم كانوا من أكثر الدول التي جمعت الثروات في عهد سليمان.
     لقد تأثر التجار اليهود بالتجار السبئيين وما يدل على ذلك هو بيع العبرانيين أبناؤهم لسبأ عندما سرقوا هيكل سليمان لأن هدفهم هو الاستيلاء على خيرات سبأ، وقد ذكرت التوراة ذلك أيضا في سفر التكوين الأول أن الملك سليمان كان يطمح لكسب ود مملكة سبأ وعلى رأسها الملكة بلقيس من أجل أخد مكان الصدارة في التجارة بدلا منها، ورأوا أن ذلك لن يتحقق إلا بعد توحيدهم بالإله يهوه الذي سيمكنهم من أن يلعبوا دور الوسيط بين الشرق والغرب وكذلك لبناء دولة تجمع شتاتهم لكن في المقابل حاول الإمبراطور السلوقي القضاء على اليهودية لكن ومع ذلك تمكن اليهود من الحصول على حكم ذاتي.
     لقد أدرك اليهود أوجه التقارب بينهم وبين اليمن ولذلك حاولوا النفاذ إليها خصوصا وأن الطرق التجارية تحولت من شمال الجزيرة إلى جنوبها ولقد تمكنوا من ذلك على إثر العلاقات الدينية التي جمعتهم مع ملك حمير الذي فرض الدين اليهودي الجديد على أهل اليمن وبذلك نجد أن اليهود ظنوا أن حلمهم تحقق أخيرا، لكن البيزنطيين ظلوا يلاحقونهم عن طريق دعم الإثيوبيين الذين كانوا يريدون تحطيم كيان اليمن وحصل ذلك غير أن اليمن طلبت المساعدة من الفرس وبذلك فشلت الحملة الأولى للبيزنطيين غير أنهم اعتمدوا على الأحباش لتحقيق أهدافهم في المقابل كان الفرس يحمون جنوب الجزيرة من أجل إقامة علاقة تجمعهم معا.
     إذن فالدين هو الستار الذي اعتمده يهوديو اليمن لتحقيق أطماعهم ولذلك لابد من طرح سؤال وهو ما حقيقة التوحيد اليهودي؟
التوحيد بيهوه:
     لقد اقتدى اليهود التوحيد بالإله يهوه من اليمنيين وكذلك التوحيد الأخناتوني الذي بني على أساس المحبة والسلام ولأخناتون أدعية تحت عنوان الليل والإنسان والخلق العالمي.
     لقد جاءت فكرة التوحيد بالإله يهوه وحتى اسمه من جنوب الجزيرة  ولقد ذكر اليهود هذا بنفسهم من خلال نسبهم الذي يعود إلى شمال الجزيرة لكنهم أرجعوها إلى العبيرو والتي قالوا فيها قولان الأولى أنهم من قبائل البدو والثانية أنهم من عمال المناجم، وحسب فرويد فإنهم اقتبسوا ديانة الإله يهوه من المديانيين وربما أن حتى إلههم اقتبسوه من قبائل أخرى وللإشارة فإن الإله يهوه حضي باهتمام أقوام عديدة من جنوب الجزيرة وتسموا باسمه كملوك قتبان وأقوام ثمود ، ولقد اعترفت التوراة بقدم الحضارة اليمنية ولذلك تأثر اليهود بها وحاولوا الاستيلاء على خيراتها ولقد أكد فرويد أن الديانة اليهودية تأسست بسبب تأثرها بالقبائل المعينية و الثمودية... في حين يرى انجلز وماركس أن الديانة اليهودية تأثرت بحضارة الجنوب الغربي للجزيرة العربية من خلال الفتح المحمدي، وبذلك نرى أن التراث العربي القومي القديم تراث دين التوحيد هو الغالب عكس التراث اليهودي وأن الكتاب اليهودي ليس سوى ذكرى تقليد عربي قديم.
     ولقد أكد المؤرخ الحديث ركمنر أن التعاليم الدينية التي توجد في الجنوب أصيلة ولا علاقة لها بالديانة اليهودية، كما أن الإله يهوه قد حضي باهتمام بعد السبي البابلي خصوصا وأنه مر من عدة مراحل جعلته يصبح الإله القومي المجرد وأصبح من أهم القضايا السياسية للشعب اليهودي ولقد اختلف المؤرخون حول أصل الإله يهوه كفرويد الذي جعل منه إله البراكين ونلسن الذي قال أنه إله القمر والمقصود بذلك أنه أنشئ من نفس الأصول كباقي الآلهة الأخرى لكن الأهم من ذلك أن اليهود تأثروا بإلههم وأنه جاء كنتيجة للظروف الطبيعية التي وجدت مكانها في الجزيرة العربية و أن الإله يهو عبد قبل عبادة الإله يهوه، أما عبادة الكواكب الثلاثة وهي القمر والشمس والزهرة فقد انتشرت في كل أنحاء الجزيرة.
     وكما سبق الذكر فان الفكرة التوحيدية اليهودية جاءت متأثرة بالتوحيد اليمني خصوصا وأن طموحاتهم الاقتصادية تكمن هناك كما أن العامل الديني ساعدهم على لعب دور الوسيط في التجارة بين الشرق والغرب، كما اعتمدوا في ذلك على الربا والتسليف لإحكام سيطرتهم التجارية على تجارة الإمبراطورية الفارسية وبناء مستعمرات ولو أن الإمبراطور انتياخوس والملوك الإغريق حاولوا صدهم بدون فائدة إذ نجحوا في إقامة مركز تجاري في أنطاكيا وبسبب الصراعات التي كانت بينهم وبين سكان أنطاكيا فقد جاءتهم فكرة بناء الهيكل المقدس الذي هو رمز هيرودوس الكبير، وكل تلك التقلبات جعلت اليهود يلتفون حول الإيمان بالإله يهوه الذي مكنهم من البقاء كقوة تجارية عظمى حتى بعد الشتات.

     وفي الأخير يمكن القول أن أوضاع اليهود التجارية ساعدتهم على استمرار اليهودية خصوصا بعد انهيار الإمبراطورية الإغريقيةوتحول طرق التجارة إلى الشرق جعل اليهود تستفيد وما زاد من ذلك أيضا هو تحطم حضارة أثينا.