إذا لم تجد موضوعك بامكانك كتابته في تعليق وسيكون متاحا في الموقع في أقل من 12 ساعة مع إرسال نسخة لك على بريدك الالكتروني أو أرسلــه لنـا

من هو ابو بكر الرازي 



تقديم
لم يكن ابو بكر الرازي الرازي معلما ولاطبيبا فحسب.. ولكنه أبدع كذلك في مجالات شتى اهمها فلسفة الأخلاق والقيم والدين، كما أبدع في مجال الإنسانية، حتى أصبح علمًا من أعلام الفضيلة، كما كان علمًا من أعلام الطب. ولا شك أن هذا الرجل العظيم من أعظم رجالات العلم في الحضارة الإسلامية.

ولادته و نشأته
  ولد  أبو بكر الرازي في مدينة الرَّي الفارسية قديما إيران حاليا، وإليها نسب.. ومدينة الري تقع في الجنوب الشرقي لعاصمة إيران طهران تبعد عنها بحوالي 6 كيلومترات، وكان ميلاده في سنة 250هـ (864م).
 منذ طفولته كان محبا للعلم ومجالسة العلماء، فدرس في قرية "الري" العلوم الشرعية والطبية والفلسفية، ولكنه لم يكتفي بهذا. فلم تكن مدينة الري تغري علمه رغم انها كانت  تلقب بالمدينة التي تحوي علوم الأرض في ذلك الوقت، ولذلك اتجه الرازي إلى عاصمة العلم في العالم في ذلك الوقت, وهي "بغداد" التي كانت عاصمة الخلافة العباسية، فذهب إليها في بعثة علمية مكثفة، تعلم فيها علوما كثيرة، ولكنه ركز اهتمامه في الأساس على الطب، وكان أستاذه الأول في هذا المجال هو "علي بن زين الطبري"، وهو صاحب أول موسوعة طبية عالمية .

الرازي.. الطبيب المعجزة
وعلاقة بالطب، اعطى الرازي علم الكيمياء والأعشاب اهتماما خاصا، وكذلك علم الفلسفة؛ لكونه يحوي مختلف  الفلاسفة اليونانين والذين كانوا يتكلمون في الطب أيضا، وكان أستاذه الأول في الفلسفة هو "البلخي". 
افنى الرازي عدة سنوات من عمره في تعلم كل ما يقع تحت يديه من أمور الطب، حتى تفوق في هذا المجال تفوقًا ملموسًا.
ثم عاد الرازي بعد هذا التميز والشهرة إلى الري، فتقلد منصب مدير مستشفي مدينة الري، وكان من المستشفيات المتقدمة في الإسلام، وذاعت شهرته، ونجح في علاج الكثير من الحالات المستعصية في زمانه، وسمع بأمره الكبير والصغير والقريب والبعيد، حتى سمع به "عضد الدولة بن بويه" كبير الوزراء في الدولة العباسية, فاستقدمه إلى بغداد ليتولى منصب رئيس الأطباء في المستشفى العضدي، وهو أكبر مستشفى في العالم في ذلك الوقت، وكان يعمل به خمسون طبيبًا.
والحق أنه لم يكن مستشفى فقط, بل كان جامعة علمية, وكليَّة للطب على أعلى مستوى. وقد أصبح الرازي فيه مرجعية علمية لا مثيل لها، ليس في بغداد فقط، وإنما في العالم كله، وليس على مدى سنوات معدودة، ولكن لقرون متتالية، فكان معجزة الطب عبر الأجيال!!
مؤلفات الرازي
ولم يكن الرازي يكتفي فقط بالتدريس والتعليم والامتحانات لنقل العلم، بل اهتم بجانب آخر لا يقل أهمية عن هذه الجوانب وهو جانب التأليف، فكان الرازي مُكثرًا من التأليف وتدوين المعلومات وكتابة الكتب الطبية، حتى أحصى له ابن النديم في كتابه "الفهرست" 113 كتابًا و28 رسالة، وهذا عدد هائل، خاصةً أنها جميعًا في مجال الطب.

وقد كان من أعظم مؤلفات الرازي كتاب "الحاوي في علم التداوي"، وهو موسوعة طبية شاملة لكافة المعلومات الطبية المعروفة حتى عصر الرازي، وقد جمع فيه الرازي كل الخبرات الإكلينيكية التي عرفها، وكل الحالات المستعصية التي عالجها، وتتجلى في هذا الكتاب مهارة الرازي، ودقة ملاحظاته، وغزارة علمه، وقوة استنتاجه..

وقد تمت ترجمة  كتاب 
كتاب "الحاوي في علم التداوي" إلى كثير من اللغات العالمية، وطُبع لأول مرة في  إيطاليا سنة 1486م، وهو أضخم كتاب طُبع بعد اختراع المطبعة مباشرة، وكان مطبوعًا في 25 مجلدًا، وقد أُعيدت طباعته مرارًا في البندقية بإيطاليا في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي), ويذكر المؤرخ "ماكس مايرهوف" أنه في عام 1500 ميلادية كان هناك خمس طبعات لكتاب الحاوي, مع عشرات الطبعات لأجزاء منه..

ومن كتبه أيضًا "المنصوري"، وقد سماه بهذا الاسم نسبة إلى المنصور بن إسحاق حاكم خراسان، وقد تناول فيه موضوعات طبية متعددة في الأمراض الباطنية والجراحة والعيون، وقد تعمَّد الرازي الاختصار في هذا الكتاب, فجاء في عشرة أجزاء!!.